Friday, July 11, 2008

ام حسن




ام حسن



كانت تاتى الينا فى موعد أسبوعى ثابت...يوم الخميس بعد آذان المغرب...كنت دائما انتظر هذا الموعد بفارغ الصبر...وعندما أسمع آذان المغرب أجلس متأهبا فى الصاله..منتظر سماع جرسها المحبب الى نفسى...ويدق الجرس فحأه فيدق قلبى من السعاده وأظل اصيح "أم حسن جت" وهكذا الحال كل أسبوع.
كانت أم حسن هى بائعه اللبن...امرأه ريفيه تحضر الينا اللبن الطازج باستمرار...تفتح أمى باب الشقه أقف انا ورائها متلهفا ان ترانى أم حسن فتنادى على...ثم تجلس أمام الباب وتحملنى وتضعنى فى حجرها...ثم تبدأ فى ممازحتى...وأظل جالسا...وتبدأ هى فى الحديث مع أمى وتقص عليها بعض الاحداث وتشكو من زوجها ومن اولادها...وتظل تتحدث وتتحدث...كنت لا أعى نصف ماتقوله...ولكن كنت أعشق لكنتها الريفيه المحببه...أحب سماعها...وعندما تستعد للرحيل...تبدأ فى الدعاء لى وأنا مازلت فى حضنها...ثم تقبلنى فى جبينى وتقول لى جملتها الاثيره المحببه الى نفسى.."مع السلامه يا دكتور..ان شاء الله دكتور...بس لما أتعب واجيلك العياده..مش هادفع فلوس" فاجيبها بايماءه من رأسى..ثم أدخل وعلى وجهى ابسامه..وقد ملاتنى السعاده بوجودها وبسماعها...وبعد رحيلها أظل اقلد حركاتها ولهجتها الريفيه الجميله...ثم تملؤنى الخيالات فأتصور نفسى وقد صرت طبييا مشهورا...وعيادتى ممتلئه بالمرضى...وفجأه تظهر ام حسن على باب العياده جالسه على الارض كعادتها...فآخذ يدها وأدخلها الى العياده لاعالجها قبل اى احد...فهى الاهم..تملؤنى النشوة والسعاده عندما أصل لهذه النقطه...عندنا اتخيل انى ساشفيها من اى مرض او عله تصيبها.
مرت السنون...كبرت وكبرت احلامى واهتماماتى....دخلت كليه الطب...نسيت ام حسن ونسيت موعدها الاسبوعى...فانا دائما خارج المنزل فى ذلك الوقت...سنوات مرت ولم أرها ولو أحاول...ولكن فى مره من المرات تأخرت فى الخروج فى هذا اليوم...وسمعت الجرس...ذهبت لافتح الباب..فوجدتها فتاه شابه...سالتها فاجابتنى انها بائعه اللبن...صدمت لهذه الكلمه وبدون وعى او تفكير قلت لها "وأم حسن...اين هى؟؟" التمعت فى عينيها دمعه حزينه...ونظرت الى الأرض وقالت "أم حسن تعيش انت...دى بقالها فتره...الله يرحمها" شعرت بأن الارض تميد تحت قددمى...لم أتخيل يوما ان تموت أم حسن ليس لشئ الا لانها كانت بالنسبه لى رمز.....سالت والدتى عن الامر...اخبرتنى أنها مرضت لفتره قصيره..ثم توفاها الله....شعرت بالحزن يعتصر قلبى فأنا لم استطع يوما ان احقق امنيتى وامنيتها واعالجها من امراضها.
ومضت الايام وتزوجت وأنجبت طفلا جميلا...أنار على حياتى...واصبحت طبيبا مشهورا...وفى احدى الليالى الخميس...كنت قد تاخرت فى الذهاب الى عيادتى...سمعت جرس الباب يدق...ومن داخل غرفتى سمعت صوت طفلى الصغير يصيح ف الصاله .."ام على جت..."

9 comments:

فارس بلا جواد said...

قصة جميلة حقيقي وليها معني و رغم بساطتها لكنها أثرت فيا وأنا باقرأها
فعلا في أشخاص بتكون في حياتنا زي الرموز مش لازم تكون عظيمة ومبدعة .. بس كفاية اننا لما نشوفها ترمز لينا بأشياء زي الطيبة والخير
باتفق معاكي جدا في المغزي من القصة
وتسلم ايدك
تحياتي

khobayb said...

الله

ما شاء الله عليكِ

وبارك الله في قلمكِ الرائع الذي أبدع في وصف هذه الصورة الدافئة

في حياة كل منا رمز للطيبة والبساطة كأم حسن ، لا نشعر بها عادة إلا بعد أن نفقدها

---

دمتِ بكل خير

إلى لقاءٍ

Anonymous said...

تسلم ايدك يا جميل بجد قصه جميله اوىفى حياتنا حاجات كتير وناس كتيره بتمر علينا وبتعلم فينا ووجودهم بيبسطنا وذكرياتنا معاهم بتضفى علينا مسحه من السعاده والنشوه كل ما تيجى على بالنا
وتسلم ايدك مره تانيه يا قمر على القصه الحلوه دى

Radwa said...


احييك على سردك القصصى المشوق
قصة تحمل معان كثيرة
ولكنها فى نفس الوقت تحمل ذكرى الماضى ومعايشة الحاضروافاق المستقبل
قصه تلاحمت بها عصور الزمن
فالزمن حقا يعيد نفسه
.......................
تحياتى
سندريلا

Blue Nile said...

قصة جميلة فعلا فيها
كتير بنشوف ناس وتعاملنا معاهم يكون قليل جدا ولكن بيكون ليهم بصمة على عكس ناس ممكن نتعامل معاهم كتير ولكن مش بياثروا فينا
اسلوبك رائع بجد
نورتي مدونتي ويعيدة عشان عرفت طرق مدونتك الجميلة

حاولي تكتبي كتير بجد اسلوبك شدني وي وعايزة اقرالك تاني

عدنان أحمد said...

السلام عليكم

حقيقي القصه رائعه
و اسلوبك في الكتابه جميل ماشاء الله
و المدونه نفسها رقيقه جدا

تحياتي
عدنان

أحمد هشام said...

ما شاء الله ... أسلوب رائع ...
دمتي مبدعة ....

فارس بلا جواد said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دى اول زياره ليا
مدونتك حلوه بجد
تحياتى

Anonymous said...

أسلوب جميل جدا

بجد أنا حسيت برعشة و أنا باقرأ

الله يرحم أم حسن , و يخلي أم علي