Wednesday, July 23, 2008

كلمه واحده


هذا هو آخر يوم لها معه... فهى لن تحتمل هذه القاسيه منه...خمس سنوات مرت عليهما معا منذ تعرفا ببعضهما...لم يعاملها يوما بهذه الطريقه السيئه...يتجاهلها طوال النهار ثم يتشاجر معها ويعلو صوته...كل هذا بسبب خطأ تافه...وهى لن تصالحه...لم تعتذر ولن تعتذر عما فعلت...فهو خطأ صغير...لماذا يثور هكذا...تعلم ان لديه بعض المشكلات فى عمله...ولكن هذا لا يعنى ان يفعل ذلك...هى تعلم ايضا ان هذه المشكلات خطيره...ولكن ذلك ليس عذرا له...لن تسامحه...سترحل وتترك له المنزل ليتعلم كيف يتعامل معها...انها تجهز حقيبتها الآن...وتجمع أشيائها المهمه...وسترسل باحدهم ليأتى بباقى اشيائها عندما تعود لمنزل والديها....وقعت عينيها على صندوق صدف فى جانب دولابها وهى تجمع ملابسها...انه صندوق ذكرياتهما معا...صندوق يحمل لحظات الحب بينهما من اول يوم فى قصتهما...جلست عل طرف السرير وفتحت الصندوق...وفى تلك الاثناء شريط من الذكريات يمر امام عينيها...ابتسمت رغما عنها عندما وقعت محتوياته...هذه الورده الذابله...اول ورده اعطاها اياها يوم صارحها بحبه لها وهم مازالو فى الجامعه...يومها اخبرها انه يحاول ان يخفى حبه منذ ما يقرب من عام ولكنه اليوم قرر مصارحتها...تذكر ذلك اليوم بكل تفاصيله...نظرت مره اخرى بداخل الصندوق...هذه السلسله الفضيه التى احضرها لها...منقوش عليها الاحرف الاولى من اسميهما...كانت فى البدايه لا تخلعها ابدا...بعض اللعب الصغيره والقلوب والمياليات هى محتويات هذا الصندوق...كروت معايده...أظرف كثيره تحوى رسائله فى الفتره التى سافرها...
اتسعت الابتسامه على وجهها عندما رأت ذلك الظرف اللبنى بشكله المميز...فتحته واخذت تنظر الى الرساله بداخله...كانت الرساله التى صالحها بها عندا غضبت منه...لم تكن ترد على مكالاماته...ولم تعط له الفرصه لمقابلتها حتى اضطر الى هذه الخدعه الظريفه...كتب جواب يفسر لها الامر ويشرح لها موقفه(فهى لم تترك له المجال ليفعل)...وجعل احدى زميلاتها تضعه فى حقيبتها وعندما عادت الى المنزل وجته وقرأته...وتصالحا بعدها...نظرت الى الاشياء بداخل الصندوق...كثير من هذه الاشياء كانت هدايا منه لمصالحتها...فقد كانت كثيرا ما تغضب بدون اسباب واضحه او لأسباب تافهه وكان دائما ما يتحملها ويصالحها...لم يغضب يوما منها عندما كانت تغضب او تتشاجر معه فقط لان هناك ما يعكر مزاجها ويشغل بالها...ودائما ما كان يمتص غضبها ويصالحها ويعتذر عن الشئ التافه الذى اغضبها...وعندما وصلت الى هذا الحد من الذكريات...شعرت بخجل شديد من نفسها...لقد كان دائما هو الصبور المتحمل...وكانت هى دائما..أنانيه....هو بطبيعته شخصيه هادئه ومتحمله ولذلك لم يعلو صوته يوما...دائما يمتص غضبها ويهدئها لأنه يحبها...يحبها أكثر من نفسه...والآن فى الوقت الذى يشعر فيه هو ببعض الضيق والغضب...هى لا تستطيع ان تتحمله...لا تستطيع ان تحتمل منه انه ولأول مره لم يكن متسامحا ولم يمتص غضبها...ليس لشئ الا لأنه يعانى من مشاكل...يالها من أنانيه.
خرجت من غرفتها...وجدته يجلس فى الصاله يضع رأسه بين يديه...عندما شعر بخروجها رفع رأسه...ونظر اليها بعينين تحملا كل الحزن...نظر اليها وسالها "هل سترحلين الآن ؟؟؟؟"...لم تجب عليه بكلمه...ولكنها فقط اتجهت نحوه...حتى وصلت الى مكان جلوسه...جلست بجانبه...وقبلت يديه...وهمست فى اذنه بكلمه واحده فقط...ولكن حملت كل ما بداخلها من مشاعر وكل ماتريد قوله...فقط قالت له.."سامحنى"

Friday, July 11, 2008

ام حسن




ام حسن



كانت تاتى الينا فى موعد أسبوعى ثابت...يوم الخميس بعد آذان المغرب...كنت دائما انتظر هذا الموعد بفارغ الصبر...وعندما أسمع آذان المغرب أجلس متأهبا فى الصاله..منتظر سماع جرسها المحبب الى نفسى...ويدق الجرس فحأه فيدق قلبى من السعاده وأظل اصيح "أم حسن جت" وهكذا الحال كل أسبوع.
كانت أم حسن هى بائعه اللبن...امرأه ريفيه تحضر الينا اللبن الطازج باستمرار...تفتح أمى باب الشقه أقف انا ورائها متلهفا ان ترانى أم حسن فتنادى على...ثم تجلس أمام الباب وتحملنى وتضعنى فى حجرها...ثم تبدأ فى ممازحتى...وأظل جالسا...وتبدأ هى فى الحديث مع أمى وتقص عليها بعض الاحداث وتشكو من زوجها ومن اولادها...وتظل تتحدث وتتحدث...كنت لا أعى نصف ماتقوله...ولكن كنت أعشق لكنتها الريفيه المحببه...أحب سماعها...وعندما تستعد للرحيل...تبدأ فى الدعاء لى وأنا مازلت فى حضنها...ثم تقبلنى فى جبينى وتقول لى جملتها الاثيره المحببه الى نفسى.."مع السلامه يا دكتور..ان شاء الله دكتور...بس لما أتعب واجيلك العياده..مش هادفع فلوس" فاجيبها بايماءه من رأسى..ثم أدخل وعلى وجهى ابسامه..وقد ملاتنى السعاده بوجودها وبسماعها...وبعد رحيلها أظل اقلد حركاتها ولهجتها الريفيه الجميله...ثم تملؤنى الخيالات فأتصور نفسى وقد صرت طبييا مشهورا...وعيادتى ممتلئه بالمرضى...وفجأه تظهر ام حسن على باب العياده جالسه على الارض كعادتها...فآخذ يدها وأدخلها الى العياده لاعالجها قبل اى احد...فهى الاهم..تملؤنى النشوة والسعاده عندما أصل لهذه النقطه...عندنا اتخيل انى ساشفيها من اى مرض او عله تصيبها.
مرت السنون...كبرت وكبرت احلامى واهتماماتى....دخلت كليه الطب...نسيت ام حسن ونسيت موعدها الاسبوعى...فانا دائما خارج المنزل فى ذلك الوقت...سنوات مرت ولم أرها ولو أحاول...ولكن فى مره من المرات تأخرت فى الخروج فى هذا اليوم...وسمعت الجرس...ذهبت لافتح الباب..فوجدتها فتاه شابه...سالتها فاجابتنى انها بائعه اللبن...صدمت لهذه الكلمه وبدون وعى او تفكير قلت لها "وأم حسن...اين هى؟؟" التمعت فى عينيها دمعه حزينه...ونظرت الى الأرض وقالت "أم حسن تعيش انت...دى بقالها فتره...الله يرحمها" شعرت بأن الارض تميد تحت قددمى...لم أتخيل يوما ان تموت أم حسن ليس لشئ الا لانها كانت بالنسبه لى رمز.....سالت والدتى عن الامر...اخبرتنى أنها مرضت لفتره قصيره..ثم توفاها الله....شعرت بالحزن يعتصر قلبى فأنا لم استطع يوما ان احقق امنيتى وامنيتها واعالجها من امراضها.
ومضت الايام وتزوجت وأنجبت طفلا جميلا...أنار على حياتى...واصبحت طبيبا مشهورا...وفى احدى الليالى الخميس...كنت قد تاخرت فى الذهاب الى عيادتى...سمعت جرس الباب يدق...ومن داخل غرفتى سمعت صوت طفلى الصغير يصيح ف الصاله .."ام على جت..."